مرثية صمت طويل لـ نجاح ابراهيم
"منذُ خمسينَ عاماً، لولا سوء التفاهم ذاك، ولولا تلك الغلطة، ولولا الحادث الذي فصلَ بيننا، لكان بالإمكان أن يكون بيننا شيءٌ ما." لهجةُ كهلٍ جميلٍ يلتقي جميلة قديمة. "سارتر" ثمة قلق تعنقدَ في داخلها. ساح في أجمات النفس. دهمها كما الشّائعة. قلق مباغت وجارف. مضى زمنٌ لم يأتِ بهذا الشكل العنيف! لهذا فقد بثّ فيها حركة بعد أن كانت غارقة برميم السكينة، وغبار السنين. امتدّت يدٌ مجعّدةٌ مترهلةٌ إلى علبةِ السكائرِ. أخذتْ واحدةً، ألقتها المرأةُ بين شفتيها. دخّنت بشراهةٍ وهي تنظر من وراءِ زجاجِ النافذة إلى الشارعِ. كان الجو بارداً. ولونُ السماءِ باهتاً. أما الأشجارُ فقد بدت مرتجفةً، تتمايل أغصانُها مع الرّيحِ النّائحةِ في لحظةِ تعاضدٍ غريبةٍ. أسدلت المرأة الستارة بصمت. مضت تصنع فنجاناً من القهوة، ثمّ طاب لها الجلوس وراء الطاولة المهملة منذ أمد، فالتمع بياض الورق المسجّى أمامها. مما دفعها لأن تمسك بالقلم البارد باشتهاء شديد لتبدأ الكتابة. لم تدرِ كيف انثالت الكلماتُ من رُدُهاتِ العُمْقِ؟ وكيف تناسلت، وولد